داخل منزل مصطفي عساف
دلف أمير بمفردهِ للداخل بعدما ترك كارما تُبيت ليلتِها بأحضان والدتها، نظرت لهُ والدتهُ وتساءلت بإستفسار :
_ إنتَ راجع لوحدك لية يا أمير ، أومال البنت فين ؟
إرتمي بجسدهِ فوق الأريكة بإهمال وأجابها بنبرة مهمومة :
_ سبتها عند مامتها
هتفت قائلة بنبرة حادة :
_يعني إية سبتيها عند مامتها، ومين يا أبني اللي هيراعيها وياخد باله منها هناك ؟
إنتفض واقف من جلسته وتحدث بنبرة حادة غاضبة تنمُ عن مدي وصولهُ إلي قمة غضبة :
_كفاية يا أمي، إرحميني بقا أنا مش ناقص ، هو أنا بقول لك إني رميتها في الشارع، دي في حُضن أمها وجِدتها
أجابته بجبين مقشعرٍ لائم :
_ يعني في الأخر طلعت أنا اللي غلطانة والحق عليا إني خايفة علي بنتك يا سي أمير؟
تأفف بضجر وتحرك تاركً إياها ودلف إلي غرفته واغلق بابها بحده معلناً لها بتلك الخطوة عن غضبهِ الهائل وأعتراضهُ علي تدخلها في حياته
تحدث إليها مصطفي الجالس يُشاهد ما يحدُث بعدم رضا :
_ إتقي الله في إبنك وإرجعي عن كلامك اللي عمالة تبخية في ودانة وتملي بيه دماغة من ناحية الغلبانه مراته يا راوية
زفرت بضيق وتحدثت بنبرة حادة :
_ إطلع إنتَ مِنها يا مصطفي وسيبني أشوف مصلحة إبني فين
وأكملت بنبرة لائمة :
_ ولا عاوزني أخلية يضيع عُمرة كُله قاعد جنب واحده مسيرها للموت، وحتي لو صحيت من المرض الملعون ده، عمرها ما هترجع زي الأول ولا هتعرف تخلف له حتة العيل اللي نفسي أشوفة قبل ما أموت
ضرب كفيه ببعضيهما وتحدث بإستسلام من أفعال تلك المُتسلطة :
_ لله الأمر من قبل ومن بعد ، ربنا يهديكي وينور بصيرتك يا راوية
شملتهُ بنظرة ساخطة واتجهت إلي غرفتها لتغفو
_______________
بعد مرور شهر، داخل مركز العلاج
كانت تقبع فوق تختِها في إنتظار حضور الطبيب كي تدلف لأخذ جُرعة الإشعاع الكيماويّ،
دلف إليها أحمد وبيدهِ ملفً ملصق بهِ تقريراً بحالتها الصحية
وقف أمامها وشملها بنظرات معاتبة، وتحدث مُتأثراً وهو يُشير إليها بالتقارير :
_ إيه اللي حصل لك يا أمل، التحاليل بتقول إن حالتك إتاثرت بالسلب بعد أخر جرعة، مالك، إيه اللي وصلنا للتراجع ده تاني بعد ما كُنا إتقدمنا الفترة اللي فاتت في العلاج ؟
كانت تستمع لهُ وهي مُثبته بصرها في نقطة اللاشئ، تنهدت وأجابته بنبرة بائسة ومازالت ناظرة في اللاشئ :
_ تعبت يا دكتور، تعبت من المقاومة ومن إني كل شوية أوهم نفسي وأقول لها إنها قوية وهتقدر علي التحدي
ثم نظرت إليه وخانتها دمعة فرت هاربة من مقلتيها وتحدثت وهي تُميل برأسِها بطريقة تُدمي القلوب :
_ بس إكتشفت إني كُنت غلطانة، المقاومة لازم لها حد قوي حواليه ناس بتحبه بجد من قلبها وبتسنده بكل قوتها ، وأنا كل اللي حواليا سابوني في عز إحتياجي ليهم
نظر لها بغضب وتحدث بنبرة صارمة كي يجعلها تستفيق من حالة الإستسلام التي إنجرفت إليها وسيطرت علي داخِلُها :
_ طظ في الناس كلها، إنتِ عاوزة مين حواليكي غير أمك وأخواتك؟
ودول حواليكي ومش سايبينك من وقت اللي حصل لحظة واحدة ،
وأكمل بنبرة صارمة ونظرة عيناي حادة :
_ لو مش هتكملي علشان نفسك يبقا بلاش تكملي الجُرعات
ثم أخذ نفسً عميقً وزفرهُ بقوة كي يستطيع السيطرة علي نوبة الغضب التي إنتابته جراء حالة الإستسلام الذي رأها عليها :
_ نفسك الوحيدة هي اللي تستاهل إنك تحاربي بكل قوتك علشانها، حاربي علشان بنتك اللي محتاجة لوجودك جنبها،
وأستريل بهدوء :
_ مامتك اللي واقفة جنبك بكل قوتها رغم وجعها عليكِ تستحق إنك تتمسكي بالحياة علشانها أكتر من كده
كانت تستمع إلية بقلبٍ يتمزق لصحة ما يتفوه به، حقاً والدتها وصغيرتها تستحقان المحاربة من أجليهما “ولكن” خارت قواها وأستسلمت لضعفها للأسف
تنفس بعُمق كي يستطيع ضبط إنفعالاته بعدما وجدها مازالت علي حالة الإستسلام ثم أردف قائلاً بهدوء مُقدراً حالتها النفسية :
_ إتفضلي معايا علشان تاخدي الجُرعة
إعتدلت بجلستِها وتحركت بجانبه مُنساقة بلا إرادة، بلا قوة، بلا رغبة
___________________
بعد مرور عدة أيامٍ آُخر
كانت جالسة فوق ذاك المفرش الموضوع فوق أرض تلك الساحة الخضراء تفترش الأرض هي وصغيرتِها و والدتها وشقيقتها رانيا وخطيبها طارق الذي لم يتركهم في محنتهم تلك ولو للحظة
ويجاورهم ذاك الحسن صاحب الدعوة والذي أصّر علي قبولها من سحر التي كانت مُعترصة في بداية الأمر، لكنهُ صمم حيثُ أقنعها أن التنزُه بين الساحات الخضراء والمناظر الطبيعية هو كل ما تحتاجهُ أمل في تلك الفترةِ الصعبة، وأنهُ سوف يُفيد أمل ويجعل من حالتها النفسية والمزاجية أفضل وأكثر تفاؤلاً
كانت تداعب صغيرتها التي تخطت سعادتُها عنان السماء بفضل مكوثها داخل أحضان والدتها الحانية التي حُرمت من ضمتها بفضل تفكير راوية العقيم وجبروتها
أمسكت إحدي ثمرات التُفاح الموضوعة داخل سَلة الفواكه أمامهم والمليئة ببعضٍ من الفواكة الأخري المتنوعة بجانب بعضً من المُسليات والحلوي والأطعمة التي أحضرها حسن من أجل قضاء يومهم المميز ذاك
ناولت ثمرة التفاح إلي صغيرتها التي تناولتها منها وتحدثت بحب وهي تقضمها :
_ ميرسي يا مامي
إحتضنتها أمل بحب ثم نظرت بإمتنان إلي حسن وأردفت بنبرة صوت تملؤهُ السعادة لأجل صغيرتها :
_ مش عارفة أشكر حضرتك إزاي يا أستاذ حسن علي اليوم الجميل ده، ما تتصورش إزاي فرق معايا أنا شخصياً ومع كارما
أكدت رانيا الجالسه بمقابلتها بنبرة حماسية :
_ عندك حق يا أمل، إحنا فعلاً كنا محتاجين لخروجة في مكان مفتوح زي ده
ونظرت إلي حسن وتحدثت بإستحسان:
_ إختيار حضرتك للمكان إختيار رائع وموفق جداً
إبتسم لهما وشعر بالسعادة تقتحم قلبهُ من إستحسان نجلتي حبيبتهُ بما قام به من أجل إسعاديهما وحبيبته
تحدث إليهما بحميمية :
_ مبدئياً كدة أنا مش عاوز أسمع أستاذ حسن دي منكم مرة تانية
إنتم زي بناتي بالظبط، ولو كان ربنا رزقني ببنات مكُنتش هتمني غير إنهم يكونوا شبهكم في كل حاجة
تحدثت أمل إليه مرةً آخري بإمتنان :
_ شكراً لذوق حضرتك، بس يعني عاوزنا نقول لحضرتك إيه
إبتسم لها وهتف :
_ قولولي يا عمو، إيه رأيكم
تحدثت رانيا بدُعابة :
_حاضر يا عمو
وقفت أمل وأمسكت كف يد طفلتِها وتحدثت إليها :
_ يلا بينا يا كوكي نجيب الأيس كريم اللي بالشيكولا اللي بتحبيه
صفقت الصغيرة بمرح وسعادة وتحركت بجانب والدتِها
وأنسحبت رانيا وخطيبها أيضاً وتحركوا للتنزه وسط الأشجار
ولم يتبقي سوي ذاك الحسن الأصيل وسحر التي نظرت إليه وأردفت قائلة بإمتنان وأبتسامة شكر إرتسمت فوق ثغرها فزينته :
_ متشكرة جداً يا حسن علي اليوم الظريف ده
ثم نظرت إلي أمل التي تتحرك بمرح بجانب صغيرتها وتُداعِبُها وأكملت حديثها بنبرة ضعيفة :
_ من زمان ما شفتهاش فرحانة والضحكة مالية وشها كده
تنهد بحُزن لأجل حبيبته ثم تحدث بمؤازرة :
_ أصبري يا سحر وإدعي لها ، وصدقيني أنا عندي شعور ويقين إن ربنا شايل لأمل حاجات حلوة كتير لسه هتعيشها وهتشوفها في دُنيتها
هزت رأسها بموافقة وأردفت وهي تنظر إليه متلهفة :
_ يارب يا حسن، يارب
————————–
بعد مرور سبعة أشهر أُخر
قضتهم أمل داخل المركز ما بين إنتصارات وإنكسارات وإنهزامات وكثيراً من الألم والتعب ، قضتهم ما بين جلسات إشعاع وبين تناولها أدوية اخري وما زالت تحارب من أجل البقاء
ومازال أمير يبتعد وينسحب رويداً رويدا حتي أنه مؤخراً غاب عن المشهد نهائياً، ومٌنذُ ذاك الوقت وقد ساءت حالة أمل من جديد جراء إبتعادهُ ، قررت سَحر أن تذهب إليه داخل منزل والده كي تستعطفه ليعود من جديد لمساندة إبنتها التي تذبل وتذوب أمام أعيُنها يومً بعد الآخر جراء إبتعادهُ المخزي وتخليها عنه بتلك الطريقة المُهينة
دقت الجرس وانتظرت، فتحت لها شيرين وهي ترتدي ثوبً فخمً وكأنها تحضر عُرسً أو مناسبة هامة ، إرتبكت حين رأتها أمامها وتلبكت قائلة :
_ طنط سَحر ! خير فيه حاجه ؟
إستمعت سحر وانتبهت لضحكات وأصوات صاخبة تأتيها من الداخل فتحدثت إلي شيرين بإستغراب لردة فعلها تلك :
_ دي مقابلة بردوا تقابليني بيها يا شيرين
وطلت برأسِها للداخل متسائلة :
_ هو إنتم عندكم ضيوف ؟
اجابتها بنبرة رخيمة تلك التي ما زالت مُمسكة بباب الشقة وتغلقهُ بجسدِها :
_ اه، عندنا ضيوف
تنهدت سحر وأردفت قائلة بإستسلام :
_ طب يا ريت يا بنتي تندهي لـ أمير علشان عوزاه في موضوع مُهم ورنيت عليه في الفون وللأسف مردش عليا
وأكملت لتُطمأنها :
_ وما تقلقيش، هاخده وهنقعد برة في أي كافيه ، يعني مش هعمل لكم ربكة في المكان
تلبكت شيرين وأجابتها بنبرة مرتبكة ظهرت علي وجهها :
_ أمير مش هينفع يخرج مع حضرتك
ثم أخذت نفسً عميقً لتقوي حالها وتُرمي بقُنبلتها في وجة تلك الأم الحزينة :
_ بصراحة كده أمير خطب وهيتجوز، وخطيبته وأهلها معزومين علي الغدا عندنا إنهاردة، يعني وجود حضرتك هنا مش في محله ولا مُرحب بيه
نزلت تلك الكلمات علي قلب سحر أحرقته ، وما شعرت بحالها إلا وهي تتخلي عن كبريائها وتربيتها الحَسنه وتدفع تلك الشيرين للخلف مما جعلها تتهاوي وكادت ان تسقط أرضً لولا إستنادها علي الحائط
أسرعت سحر إلي الداخل تحت صياح شيربن ، تسمرت قدميها بالأرض حين وجدت أمير يجلس بجانب شقيقة زوج شيرين التي لم يسبق لها الزواج بعد ، مُمسكً بكف يدها ويتبادلان الأحاديث والضحكات وحولهما مباركاتٍ من الأهل
إنتفض وهب واقفً من جلسته حين رأها أمامه ونظر إليها بعيناي جاحظة ثم تمتم بشفاهٍ مُرتعشة :
_ طنط سَحر
تحدثت هي إليه بنبرة غاضبة وعيناي تطلقُ شزراً :
_ آه يا قليل الأصل يا ندل يا خسيس ، بقا سايب مراتك تعبانة وأخوها هو اللي متحمل نفقة علاجها وقاعد تحب وتخطب يا عِرة الرجالة ، إخص عليك وعلي أصلك الواطي ، إخص
وأكملت وهي ترمقهُ بنظرات مشمئزة :
بس تعرف، العيب مش عليك، العيب علي بنتي اللي حبت وإتجوزت واحد لا يليق بمستواها لا الفكري ولا الإجتماعي ولا المادي
وأشارت بيدها ساخرة :
_ وأدي النتيجة ، طلع خسيس وباعها عند أول إختبار قابلهم في حياتهم
وقفت راوية وتحدثت بحده ونبرة غاضبة :
_ ما تلمي نفسك يا ست إنتِ ، إنتِ جاية تغلطي فينا في وسط بيتنا، وبعدين يا حبيبتي أنا إبني حُر ويعمل اللي علي كيفة
وأكملت بنبرة خالية من الرحمة :
_ بنتك وربنا إبتلاها بمرض مش هتقوم منه ، وإبني راجل ولسه في عز شبابة ومن حقة يتجوز واحدة تشوف طلباته وتخلف له الولد اللي بنتك حتي لو فلتت من المرض عمرها ما هتعرف تخلفهوله
هتف مصطفي بنبرة حازمة ناهراً زوجته بحدة :
_ عيب يا راوية الكلام اللي بتقولية ده، إسكتي خالص مش عاوز أسمع صوتك
نزلت كلماتها المُميتة علي قلب سحر زلزلته فتحدثت بذهول وإهانة لتلك الشمطاء :
_ إبنك مش جايب قلة الأصل من برة يا راوية ، دي وراثة رضعها في اللبن اللي شربه منك وبتجري جوة دمه
ثم نظرت إلي والدة العروس وتحدثت ساخرة بألم :
_ مبروك يا أم العروسة ، بس نصيحة مني ليكي ، ما تبقيش تنسي وإنتِ بتمضي سبع الرجالة علي عقد الجواز تبقي تمضيه كمان علي إقرار إنه يبقا راجل مع بنتك وميسبهاش عند أول إختبار حقيقي يحصل لها
ثم نظرت إلي أمير الذي يقف كالفرخ المُبتل يشعر بخِزيٍ وعار من حديث سحر المُحق ويلعن حالهُ أنه سلم رأسهِ لوشي والدتهُ وشقيقته
وتحدثت سحر بقوة وشموخ لإمرأة عزيزة النفس :
_ ورقة طلاق بنتي توصلني في أسرع وقت وقبل ما تتمم جوازك من الأستاذة
وأكملت مُشيرة بسبابتِها مُهددةً إياة بوعيد :
_ وإلا قسماً بالله هخليها تخلعك وأبعت لك المُحضر بإعلان القضية علي مكان شُغلك وأفضحك وسط الناس كلها يا إبن أمك
هُنا قرر مصطفي التدخل رُغم الخجل الذي يعتريه من وجود سَحر :
_ إهدي يا مدام سحر وخلينا نتفاهم بالعقل ، طلاق إيه بس بعد الشر اللي بتتكلمي عنه، إعملي حساب حتي للبنت الصغيرة
إلتفت إليه وتحدثت بقوة وهي ترمقهُ بنظرات إشمئزاز :
_ وإنتم كنتم عملتم حساب للبنت ولا للعشرة ولقمة العيش اللي كلناها سوا ، ولا كنتم عملتم حساب لبنتي اللي عاشت مع إبنكم علي المُرة قبل الحلوة، ورضيت بيه وبفقرة وهي بنت الأكابر اللي عُمرها ما أتحرمت من حاجة
وأسترسلت حديثها بنبرة لائمة:
_هو ده رد الجميل يا أستاذ مصطفي يا أبن الأصول؟
وأكملت بحسرة وقلبٍ يتألم علي صغيرتها :
_يا خسارة العشرة والعيش والملح اللي معملتوش حسابهم ، ياخسارة كل لحظة بنتي عاشتها معاكم وهي مخدوعة فيكم وفكراكم أهل وسند ليها
هتفت شيرين قائلة بنبرة وقحه :
_ جري إية يا ست إنتِ ، ماخلاص خلصنا، بنتك وعندك إشبعي بيها، وأخويا وخلاص هيتجوز ويشوف حياته ويكملها ، ولو علي الطلاق فدي بسيطة
ونظرت إلي شقيقها قائلة بقوة ونبرة أمَرة :
_ من بكرة تطلقها وتبعت لها ورقتها لحد باب بيتها يا أمير
هز رأسه بنفي رافضً حديث شقيقتهُ، في حين أردفت راوية هاتفة بمنتهي الوقاحة والخِسة :
_ قبل ما يطلقها تتنازل له عن المؤخر والقايمة
إتسعت أعيُن سحر بذهول من خِستها فأكملت راويه بتبجح :
_ إنتوا يا حبيبتي اللي متضررين وطالبين الطلاق، يبقا العدل بيقول إنكم تتنازلوا عن حقوقها
تحدث أمير بنبرة حادة :
_ من فضلك يا أمي كفاية إهانة لحد كده
تحدثت سحر بنبرة قوية شامخة :
_ لو فاكرة إني هسيب إبنك يتهني بمليم واحد من حق بنتي تبقي بتحلمي
وأكملت بتوعد :
_ ده أنا هلففكُم علي المحاكم وحق بنتي هتاخده من عين إبنك بالمليم
وأكملت بنبرة تحدي :
_ وبكرة يا راوية تشوفي اللي سحر عبدالسلام هتعمله في إبنك اللي محسوب علي الرجالة غلط
قالت كلماتها وانسحبت علي الفور إلي الخارج واغلقت خلفها الباب بحده هزت بها أركان المنزل بأكملهُ، تحت حُزن أمير وندمه علي ما فعله بزوجته التي من المفترض كانت يومً حبيبته وحُلمً عالياً بعيد المّدي، تمناهُ ومّن الله بهِ عليه وحققهُ له
بعد خروجها إنسحب مصطفي لداخل غرفته يلعن ضعفهُ وإستسلامه لرغبة زوجته من زواج إبنها كي يُتابع حياته وينجب لها الذكر التي تنتظرة وتتمناه
تحدثت راوية إلي العروس و والدتها وشقيقها زوج شيرين وهي تُشير بيدها وكأن شئً لم يكُن :
_ إقعدوا يا جماعة ، إقعدوا نكمل سهرتنا ولا يهمكم
وأكمل بفظاظة:
_دول عالم بجحه وناقصين تربية ، مش كفاية إن إبني عمل بأصله وما طلقش بنتها لحد إنهاردة، لا كمان جاية تقل ذوقها وأدبها علينا، ومن جبروتنا بتهددنا في وسط بيتنا
أما عنايات والدة العروس والتي لا تختلف كثيراً عن راوية بأخلاقها المُنحدرة ووقاحتِها لتؤكد علي مقولة الطيور علي أشكالها تقع :
_ واضح أوي من طريقة كلامها إنها محروقة والغيرة واكلة قلبها ، أنا كنت هرد عليها وأبهدلها بس عملت حساب لوجود الأستاذ مُصطفي
وأكملت بتفاخر وتعالي :
_ إحنا بردوا ولاد أصول وعمرنا ما نعمل زيها ونعلي صوتنا في وجود الرجالة
ثم نظرت إلي أمير الصامت الشارد بملامح بَدت عليها الحُزن والندم، وتحدثت كي تُخرجهُ مما هو عليه :
_ ولا يهمك يا أمير يا حبيبي، إحنا كُلنا معاك وهدير كمان معاك وعمرها ما هتتأثر بالكلام اللي سمعته من الست دي
إنتَ سيد الرجالة وإبن أصول واللي عملته ده حقك اللي ربنا شرعهُ لك وحلله ، هتيجي هي تمنعه
ثم نظرت لإبنتها وتحدثت كي تحثها علي التقرُب من أمير كي تسحبهُ لعالمها من جديد :
_ ولا إية يا هدير ، ما تتكلمي يا بنتي
فاقت هدير من شرودِها وتحدثت متلهفة :
_ أه طبعاً يا ماما ، أنا مع أمير وعمري ما هسيبه أبداً تحت أي ظروف
أما أمير فكان شارداً داخل أحزانهُ لا يدري إن كان ما فعلهُ هو الصَواب وحقهُ المشروع كرجُل في ريعان شبابهِ مثلما أخبرته والدتهُ وشقيقته وهما تحاولان التأثير عليه وإقناعه بالزواج بآخري كي يُنجب لهما ذكراً يحمل إسمه، أم أنهُ وبتلك الخطوة لم يخسر أمل فقط، بل خسر إنسانيته ورجولته بعيون نفسهِ قبل الأخرين
يتبع